أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

كيف يفكر أصحاب الملايين؟ أسرار بناء الثروة من الصفر خطوة بخطوة

كيف يفكر أصحاب الملايين؟ وما السر وراء نجاحهم في بناء ثرواتهم من الصفر؟ قد يعتقد البعض أن الثراء مجرد حظ أو وراثة، لكن الواقع يثبت أن للمليونيرات العصاميين طريقة تفكير مختلفة تمامًا. إنهم يتبعون استراتيجيات واضحة، ويتعاملون مع الفشل كمجرد محطة للتعلم، ويعرفون كيف يستفيدون من الفرص والشراكات. في هذه المقالة، سنكشف عن أهم المبادئ التي يعتمد عليها الأثرياء في تكوين ثرواتهم، وكيف يمكنك تبني هذه العقلية لتحقيق النجاح المالي.

عقلية أصحاب الملايين | كيف تبني ثروتك من الصفر بخطوات عملية؟

في عام 2020، أصبح 5 ملايين و200 ألف شخص مليونيرات لأول مرة في حياتهم. الغالبية العظمى من هؤلاء الأشخاص عصاميون، حيث بنوا ثرواتهم بأنفسهم. ووفقًا لشركة الخدمات المالية الأمريكية "فيديلتي إنفستمنتس"، فإن 88% من المليونيرات جمعوا ثرواتهم بجهودهم الخاصة، في حين أن 12% فقط ورثوا ثرواتهم.

أول سؤال قد يخطر ببال أي شخص عند سماعه لهذه الإحصائيات هو: كيف أصبح هؤلاء الأشخاص مليونيرات؟ كيف تمكنوا من بناء ثرواتهم من الصفر؟
عقلية أصحاب الملايين | كيف تبني ثروتك من الصفر بخطوات عملية؟
كيف يفكر أصحاب الملايين؟ أسرار بناء الثروة من الصفر خطوة بخطوة

قبل أن نجيب على هذا السؤال، دعونا نتفق أولًا على أن الثروة لا تُبنى من فراغ. الأشخاص الذين استطاعوا أن يصبحوا من أصحاب الملايين ليسوا مجرد محظوظين، بل إنهم يفكرون ويتصرفون بطريقة مختلفة عن الآخرين. ما يميز المليونيرات العصاميين عن غيرهم هو فهمهم العميق لآليات بناء الثروة، إلى جانب امتلاكهم للانضباط والعزيمة الكافية لتطبيق هذه الآليات بفعالية.

  • في عام 2006، أجرى اثنان من مستشاري إدارة الثروات في أمريكا، وهما لوبس شيف وروس برينس، دراسة استقصائية بهدف تحديد السمات التي تميز المليونيرات العصاميين عن أفراد الطبقة المتوسطة.
  • وقد جاءت نتائج هذه الدراسة مذهلة. على سبيل المثال، وجدت الدراسة أن غالبية أفراد الطبقة المتوسطة يؤمنون بمفهوم "افعل ما تحب، وسيكون ذلك مفتاح بناء الثروة".
  • على الجانب الآخر، رأى 98% من المليونيرات أن هذا الكلام غير منطقي، إذ أن اتباع الشغف أو العمل في شيء لمجرد أنك تحبه ليس ضمانًا لبناء الثروة، بل قد يكون سببًا في الفقر بكل بساطة.
وهذا يقودنا إلى مجموعة من الأسئلة المهمة:
  • ما الذي يميز عقلية الشخص المليونير عن غيره؟
  • كيف يفكر المليونير ويتعامل مع المال؟
  • ما هي أبرز الطرق والأساليب التي يستخدمها المليونيرات في تكوين ثرواتهم؟
  • والأهم من ذلك، كيف يمكن لشخص أمي لا يجيد القراءة والكتابة أن يصبح أكثر نجاحًا وذكاءً في بناء الثروة من بعض المتعلمين؟

قصة روبرت تيلور | كيف بدأ مشروعه برأس مال صغير وأحدث ثورة في صناعة الصابون؟

في عام 1964، قرر شاب أمريكي يبلغ من العمر 29 عامًا يُدعى روبرت تيلور أن يؤسس شركة صغيرة برأس مال قدره 3000 دولار، وهو كل ما كان يملكه آنذاك. كانت فكرته أن يعمل في مجال الصابون ومستحضرات التجميل، وذلك بعد أن استقال من وظيفته كمندوب مبيعات في شركة جونسون آند جونسون.

  • استمرت شركة تيلور، التي أطلق عليها اسم مينيتونكا، في العمل على المستوى المحلي داخل ولاية مينيسوتا، دون أن تحقق انتشارًا واسعًا في البداية.
  • ومع مرور الوقت، أصبحت مينيتونكا واحدة من أبرز الشركات المحلية الصغيرة العاملة في هذا المجال. واستمر الوضع على هذا الحال حتى عام 1977، عندما لاحظ تيلور أن الأمريكيين يشتكون بشكل متكرر من أن الصابون الصلب يذوب بسرعة ويتسبب في فوضى داخل الحمامات، سواء في المنازل أو أماكن العمل.

هنا خطرت لـتيلور فكرة أن الصابون السائل قد يكون الحل المثالي للمشكلة التي يواجهها الناس. في ذلك الوقت، كان الصابون السائل موجودًا بالفعل في السوق منذ أكثر من 100 عام، لذلك لم يكن بحاجة لاختراع منتج جديد تمامًا. لكن فكرته المبتكرة كانت في تعبئة الصابون داخل زجاجات بلاستيكية مزودة بمضخة، بحيث يخرج الصابون بسهولة عند الضغط عليها، مما يجعله أكثر راحة ونظافة في الاستخدام.

  • نجح تيلور في تطوير تركيبة خاصة من الصابون السائل لشركته، وأطلق عليها اسم "سوفت سوب"، ثم قام بتعبئته في زجاجات بلاستيكية مزودة بمضخة.
  • الخطوة المنطقية التالية كانت طرح "سوفت سوب" على نطاق واسع وإنتاجه بكميات كبيرة، ولكن تيلور كان مترددًا وقلقًا للغاية بشأن هذه الخطوة.

كان سبب قلق تيلور هو أن الشركات الكبرى في السوق آنذاك، مثل جونسون آند جونسون وبروكتر آند جامبل، وغيرها، ستسارع إلى تقليد فكرته بمجرد أن تلاحظ نجاح منتجه وتحقيقه لمبيعات جيدة. وبفضل طاقاتها الإنتاجية الضخمة وقدراتها الهائلة في التسويق والتوزيع، ستكون قادرة على طرح منتجات مشابهة بسرعة، مما سيجعلها متاحة في جميع متاجر السوبر ماركت بأمريكا في وقت قياسي.

أما تيلور، فلم يكن يملك حتى عُشر هذه الإمكانيات، وفي الوقت نفسه، لم يكن بإمكانه الحصول على براءة اختراع لمنتجه، لأنه ببساطة لم يخترع الصابون السائل ولا المضخة، بل قدمهما بطريقة مختلفة ومبتكرة للمستهلكين.

استراتيجية روبرت تيلور الذكية لمواجهة احتكار الشركات الكبرى

الآن، لو كنت مكان تيلور، ما هو الحل لهذه المعضلة؟
  • هل تطرح منتجك في السوق، رغم أنك تعلم أنه سيتم تقليده فورًا من قبل الشركات الكبرى، مما يجعلك بلا أي ميزة تنافسية؟ أم تتراجع عن إطلاقه، فتفقد فرصة تحقيق مبيعات ضخمة؟ في الواقع، لم يختر تيلور أيًا من هذين الخيارين. بل كان لديه حل ثالث مختلف تمامًا!

في عام 1980، أطلق تيلور منتجه الجديد، "سوفت سوب"، والذي حقق مبيعات مذهلة على حساب الصابون الصلب. وكما توقع تمامًا، سارعت الشركات الكبرى إلى إنتاج علامات تجارية مختلفة من الصابون السائل في محاولة للسيطرة على أكبر حصة ممكنة من هذا السوق الجديد الذي كان لا يزال في طور التشكُّل.

لكن الشركات الكبرى فوجئت بمفاجأة غير متوقعة، لقد نصب لها تيلور فخًا ذكيًا! عندما كان يفكر في كيفية منع هذه الشركات من سرقة منتجه، أدرك أن عملية إنتاج الصابون السائل تعتمد على نقطة ضعف أساسية: محدودية عدد المضخات المتوفرة في السوق. وهنا قرر تيلور استغلال هذه الثغرة لصالحه!

  • في ذلك الوقت، لم يكن هناك سوى شركتين فقط في أمريكا تقومان بتصنيع المضخات البلاستيكية. وقبل أن يطرح تيلور منتجه في الأسواق، قام بشراء كامل إنتاج هاتين الشركتين لمدة عامين مقدماً، بما يعادل 100 مليون مضخة، بسعر 12 سنتًا للمضخة الواحدة.
  • كانت هذه صفقة ضخمة للغاية، ولم يكن من الممكن تنفيذها لولا دعم بعض المستثمرين الذين وثقوا في رؤية تيلور واستراتيجيته الذكية.
  • كانت مخاطرة كبيرة لكنها محسوبة بدقة. هذه الخطوة أخرت دخول الشركات الكبرى إلى سوق الصابون السائل لمدة تراوحت بين 12 إلى 18 شهرًا.
  • وخلال هذه الفترة، تمكن "سوفت سوب" من ترسيخ مكانته في السوق وكسب ولاء عدد كبير من المستهلكين الأمريكيين.
  • وبفضل هذه الاستراتيجية الذكية، نمت قيمة "مينيتونكا" بشكل هائل، وأصبح تيلور من أصحاب الملايين عندما قامت شركته ببيع قسم الصابون السائل الخاص بها لشركة كولجيت-بالموليف مقابل 61 مليون دولار عام 1987.

آليات تكوين الثروة: استراتيجيات فعالة لبناء مستقبل مالي ناجح

في الواقع، تسلط قصة تيلور والصابون الذي ابتكره الضوء على عدد من أهم آليات تكوين الثروة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن أبرزها امتلاك حصة ملكية في عمل تجاري.

اولا: امتلاك حصة ملكية فى عمل تجارى

  • كان تيلور يعمل كمندوب مبيعات في "جونسون آند جونسون"، حيث كان يتقاضى راتبًا مرتفعًا بالإضافة إلى العمولات، وكان يحرص على ادخار جزء من دخله.
  • ورغم أهمية الادخار في تحقيق قدر من الأمان المالي، فإنه بمفرده لا يكفي لبناء الثروات أو تحقيق الملايين، وهو ما أدركه تيلور مبكرًا ودفعه إلى إنشاء مشروعه الخاص.
  • الادخار مهم جدًا لتحقيق درجة معقولة من الأمان المالي، لكنه بمفرده لا يؤدي إلى تكوين الثروات أو تحقيق الملايين.
في استطلاع للرأي أجراه المستشار المالي الأمريكي لويس شيف عام 2009، شمل مجموعتين:
  •  أفراد من الطبقة المتوسطة
  •  مليونيرات عصاميون

كشفت النتائج عن اختلاف جوهري في طريقة تفكير كل مجموعة بشأن المال وتكوين الثروة، وهو ما يعكس أهمية الاستثمار وريادة الأعمال إلى جانب الادخار لتحقيق النجاح المالي الحقيقي.

أظهرت نتائج الاستطلاع تباينًا واضحًا في طريقة التفكير بين الطبقة المتوسطة والمليونيرات العصاميين:
  •  70% من أفراد الطبقة المتوسطة اعتقدوا أن الادخار وتقليل النفقات يمكن أن يساعدهم في تكوين ثروة على المدى الطويل.
  • في المقابل، رفض 90% من المليونيرات هذه الفكرة، حيث رأوا أن الادخار يمكن أن يوفر الأساس الذي تبدأ منه رحلة تكوين الثروة، لكنه ليس مصدر الثروة نفسه.
  • بمعنى آخر، الادخار وحده لا يصنع الملايين، بل يجب استثماره بذكاء في مشاريع أو أصول منتجة لتحقيق نمو مالي حقيقي.

وأوضحوا أنهم لم يصبحوا مليونيرات لأنهم شدوا الحزام وقللوا نفقاتهم، بل لأنهم تمكنوا من تعظيم حجم الأموال التي تدخل لهم. وقد تحقق ذلك من خلال امتلاكهم حصصًا في أعمال تجارية ذات إمكانيات نمو غير محدودة، على عكس الوظيفة التي تضع سقفًا للدخل. وهذا لا يعني بالضرورة أنهم استقالوا من وظائفهم لبدء مشاريعهم الخاصة، بل إن كثيرًا منهم استثمر جزءًا من أموالهم في مشاريع استثمارية مربحة، بينما ظلوا يحتفظون بوظائفهم في الوقت نفسه.

ثانيا: الإبداع فى تنفيذ منتج موجود بالفعل

  • ثاني درس يمكن استخلاصه من قصة تيلور فيما يخص آليات بناء الثروة هو أن الإبداع في تنفيذ منتج موجود بالفعل أفضل بملايين المرات من اختراع منتج جديد من الصفر.
  • فعند العودة إلى الدراسة الاستقصائية التي أجراها كل من لويس شيف وروس برينس عام 2006، والتي شملت 3600 شخص—من بينهم 3000 فرد من الطبقة المتوسطة و600 مليونير تتراوح ثرواتهم بين مليون و10 ملايين دولار—تظهر لنا نقطة جوهرية حول كيفية تحقيق الثروة بطرق عملية وفعالة.
  • سنجد أن 90% من المليونيرات العصاميين أكدوا أن التميز في التنفيذ أكثر أهمية من الابتكار.
  • بمعنى آخر، يفضلون الاستثمار في منتج موجود بالفعل وتحسينه بدلًا من المغامرة بمنتج مبتكر تمامًا، لأن احتمالات النجاح تكون أعلى عندما يتم تنفيذ الفكرة بطريقة أكثر كفاءة وإبداعًا، بدلاً من المخاطرة بفكرة جديدة غير مجربة في السوق.

على سبيل المثال، في عام 2003، نشر أحد الباحثين في جامعة تورونتو دراسة بعنوان "The Return to Independent Invention" أو "العودة إلى الابتكار المستقل"، حيث قام خلالها بدراسة المصير التجاري لـ 1091 براءة اختراع مسجلة في كندا. وقد اكتشف الباحث أن أكثر من 99% من هذه الاختراعات لم تحقق أي أرباح لمخترعيها، مما يثبت أن الابتكار وحده ليس كافيًا للنجاح المالي، بل الأهم هو التنفيذ الفعّال وتحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة تجاريًا.

من بين 1091 اختراعًا، لم تحقق سوى ستة اختراعات فقط أرباحًا كبيرة لمخترعيها. هذه الفكرة أكدها لويس شيف في كتابه الصادر عام 2013 بعنوان "Business Brilliant"، حيث أوضح أن 88% من أسرع 100 شركة نموًا في أمريكا لم تعتمد على ابتكارات جديدة، بل كان سر نجاحها هو التنفيذ الاستثنائي لأفكار منتشرة ومنتجات مقلدة.

وهذا بالضبط ما فعله تيلور مع سوفت سوب، حيث لم يخترع الصابون السائل، بل قام بإعادة تقديمه بطريقة مختلفة بوضعه في زجاجة بلاستيكية مزودة بمضخة، مما جعل استخدامه أسهل وأكثر نظافة، وهو ما جذب المستهلكين وساعده على تحقيق نجاح كبير.

ثالثا: أهمية بناء العلاقات

فقد بلغت قيمة صفقة المضخات البلاستيكية 12 مليون دولار، وهو مبلغ كان في ذلك الوقت أكبر من قيمة شركته بالكامل. ولتأمين هذا المبلغ، لجأ تيلور إلى المستثمرين الذين كانت تربطه بهم علاقات قوية، فلولا هذه العلاقات، لما تمكن من تنفيذ خطته والاستفادة من الفرصة.

وهذا بالمناسبة أحد أسرار نجاح مستثمر أسطوري مثل وارن بافت. يعتقد الكثيرون أن نجاح بافت يعود فقط إلى براعته في اختيار أفضل الأسهم، لكن هذا تصور غير دقيق. فبافت بدأ رحلته برأس مال قدره 100 دولار فقط، ولم يكن ليحقق ثروته الهائلة لولا قدرته على إقناع الأشخاص الذين تربطه بهم علاقات قوية بدعمه والاستثمار معه.

  • في استطلاع الرأي الذي أجراه لويس شيف عام 2009، أفاد 90% من أفراد الطبقة المتوسطة بأن رائد الأعمال يجب أن يستثمر أمواله الخاصة فقط إذا كان يريد أن يصبح مليونيرًا. 

  • ولكن المليونيرات أنفسهم رفضوا هذه الفكرة، مؤكدين على أهمية الاستفادة من مزايا الشراكة. فالشريك، من ناحية، يساهم برأس المال والخبرة والعلاقات، ومن ناحية أخرى، يتحمل معك جزءًا من المخاطر والخسائر.
  • بول جرين، مؤسس شركة School of Rock، لم يكن قادرًا على توسيع نطاق أعمال شركته إلا بعد أن أقنع طبيب أسنانه وأشخاصًا آخرين بالاستثمار معه، وهو ما ساعده في تحقيق نجاح أكبر.

رابعا: أهمية الإستعانة بالموهوبين وأصحاب الكفاءة

  • ففي الاستطلاع الأخير، أكد 90% من المليونيرات العصاميين أنه إذا واجهوا مهام لا يمتلكون الخبرة الكافية لتنفيذها، فإنهم سيلجؤون إلى المتخصصين القادرين على أدائها بشكل أفضل، حتى لو كان ذلك مقابل تكلفة مالية.
  • على الجانب الآخر، أفاد ما يقرب من ثلثي أفراد الطبقة المتوسطة بأنهم سيفضلون القيام بهذه المهام بأنفسهم، بغض النظر عن جودة النتيجة. 
  • هذا يوضح الفارق الكبير في طريقة التفكير بين الطرفين، حيث يعتمد المليونيرات على مبدأ التفويض والاستثمار في الكفاءات، بينما يميل الآخرون إلى تنفيذ كل شيء بأنفسهم، حتى لو لم يكن الأداء على المستوى الأمثل.

على سبيل المثال، رجل أمريكي يُدعى جاي ثيسينس أسس في عام 1971 شركة تُدعى "بي إن جي ماشين آند تول"، والتي كانت تعمل في مجال تصنيع الصفائح المعدنية. المثير في الأمر أن ثيسينس استثمر فقط 200 دولار من أمواله الخاصة، بينما حصل على باقي التمويل اللازم لشراء المعدات واستئجار الورش من صاحب شركة كان يعمل بها سابقًا.

دخل الاثنان في شراكة لتأسيس الشركة الجديدة، التي شهدت نموًا هائلًا، وبحلول أقل من 30 عامًا أصبحت واحدة من أنجح الشركات الأمريكية في مجالها، حيث وصلت مبيعاتها السنوية إلى ما يقرب من 5 ملايين دولار. حتى هذه المرحلة، تبدو القصة مألوفة وعادية، إذ تتكرر مثل هذه النجاحات في عالم الأعمال بشكل مستمر.

ولكن قصة هذه الشركة أصبحت استثنائية عندما كشف جاي في عام 1998 عن حقيقة صدمت الجميع، وهي أنه كان أميًا لا يعرف القراءة أو الكتابة. ورغم ذلك، تمكن من إدارة الشركة بنفسه لمدة 27 عامًا، وتعامل خلالها مع المهندسين والعمال والموظفين وحتى البنوك، دون أن يلاحظ أحد أنه لم يكن قادرًا على القراءة أو الكتابة.

الموظفون في شركته كانوا يعتقدون أنه لا يقرأ الأوراق التي تُوضع على مكتبه، حيث كان يطلب منهم تلخيص محتواها بحجة انشغاله الشديد وعدم توفر الوقت لقراءتها. لكن كيف تمكن من إخفاء هذا السر حتى بلغ 56 عامًا؟ ببساطة، كان يحيط نفسه دائمًا بأفضل المساعدين وأكثرهم كفاءة، الذين كانوا بمثابة يديه وعينيه في العمل، وكان يحرص على مكافأتهم بسخاء مقابل جهودهم.

  • كل ما كان يفعله هو الاستماع إلى فريقه وفهم ما يقولونه، ثم توجيههم بالطريقة الصحيحة. هذا الرجل، ببساطة، تمكن من إدارة شركة تحقق مبيعات سنوية بملايين الدولارات دون أن يقرأ ورقة واحدة أو يكتب حرفًا واحدًا، ودون أن يدرك أي من موظفيه أنه أمي لا يجيد القراءة أو الكتابة.
  • وهذا بالضبط ما يفهمه ويطبقه المليونيرات العصاميون، فلا أحد يمكنه أن يصبح ثريًا بمجهوده الفردي فقط. لذلك، من الضروري أن يستفيد من يساعدك أيضًا. لويس شيف في كتابه يقول عبارة عبقرية: "وزّع العمل، وانشر الثروة" (Spread the work, spread the wealth). 
  • هناك أشخاص أنانيون لا يحبون أن يستفيد الآخرون من حولهم، ولهذا لا يحققون أي تقدم. تجدهم دائمًا خائفين من الفقر، رغم أن لديهم أموالًا ليست قليلة.

خامسا: التعلم من الفشل هو سرنجاح أصحاب الثروات

  • والتي تُعد أبرز سمة تميز عقلية المليونيرات العصاميين، هي إيمانهم بأن الدروس المستفادة من محاولاتهم الفاشلة وإخفاقاتهم كانت عاملًا جوهريًا في نجاحهم بتكوين ثرواتهم. لا أحد يحب الفشل أو الخسارة، ولكن في النهاية، الجميع معرضون لهما طوال الوقت.
  • ما يميز أصحاب الملايين عن غيرهم هو طريقة تعاملهم مع الفشل ونظرتهم إليه. ففي الاستطلاع الذي أُجري عام 2009، أكد 70% من المليونيرات أن الانتكاسات وحالات الفشل التي مروا بها كانت سببًا في إتقانهم للمجالات التي برعوا فيها لاحقًا. 

في المقابل، رأى 80% من أفراد الطبقة المتوسطة أن خسائرهم وإخفاقاتهم لم تُضِف لهم أي خبرة أو فائدة. المليونير ببساطة يدرك أنه لن يتمكن من تنمية ثروته دون تحمل مخاطر محسوبة، فالمخاطرة تعني وجود احتمال للفشل والخسارة تمامًا كما يوجد احتمال للنجاح والربح. وإذا استسلم الشخص وهرب عند أول فشل، فلن يجني سوى الخسارة والشعور بالألم.

روبرت تيلور، مؤسس مينيتونكا، تعرض لسرقة أفكار منتجاته عدة مرات من قبل الشركات الكبرى، مما تسبب له في خسائر كبيرة. لكنه تعلم الدرس، وقبل إطلاق سوفت سوب، قام بالخطوة الذكية التي ذكرتها سابقًا، والتي جعلت اسمه يُذكر حتى اليوم في العديد من كتب إدارة الأعمال. بعبارة أخرى، الجميع يتعرض للخسائر، لكن الفارق يكمن في طريقة التعامل معها.

تعليقات