هل شعرت يومًا أن الفقر يطاردك مهما حاولت؟ هل يبدو لك أن كل محاولاتك للادخار أو تحسين دخلك لا تؤتي ثمارها؟ لست وحدك في هذا الطريق، ولكن الخبر الجيد هو أن هناك مبدأ بسيط، إذا استوعبته وطبقته بشكل صحيح، قد يغيّر مجرى حياتك المالية بالكامل.
في هذا المقال، لن نقدم لك وعودًا فارغة، بل خطوات واقعية وفعّالة مستوحاة من تجارب حقيقية ونصائح أثبتت نجاحها مع الكثيرين. سنبدأ معًا خطوة بخطوة، لتفهم كيف يتصرف الأغنياء، وما الفرق الجوهري بينهم وبين من يبقى حبيس الفقر رغم العمل المتواصل. إذا كنت مستعدًا للتغيير الحقيقي، فتابع القراءة بتركيز.
لن تبقى فقيرًا إذا فهمت هذا الدرس البسيط وطبقته بذكاء
هل تشعر أحيانًا أن قوانين لعبة المال غير عادلة؟ وكأنها مصممة فقط لخدمة أولئك الذين يملكون المال والعلاقات؟ إنهم وحدهم من يستفيدون، ويزدادون ثراءً فوق ثرائهم، بينما يبقى الآخرون في أماكنهم، أو يزدادون فقرًا! لا تقلق، فأنت لست الوحيد الذي يشعر بهذا الإحساس.
![]() |
خطوة بخطوة | كيف تتخلص من الفقر نهائيًا إذا طبقت هذا المبدأ البسيط |
- وهذا بالضبط ما يتناوله كتاب "لماذا يزداد الأثرياء ثراءً" للكاتب روبرت كيوساكي، حيث يكشف فيه عن الاستراتيجيات والعادات التي يتبعها الأثرياء لتوسيع نفوذهم المالي، كما يوضح السبب الذي يجعل الشخص العادي عاجزًا عن تحقيق التغيير، مكتفيًا بالمشاهدة فقط.
- في هذا المقال، سنسلط الضوء على الأخطاء الشائعة التي قد ترتكبها، وكيفية تصحيح طريقة تعاملك مع الفرص من حولك، لتبدأ رحلتك نحو التحسن وتكون أفضل من الأمس.
قاعدة كيوساكي الذهبية | افهم هذا الفرق لتبدأ رحلتك نحو الثراء
- بالنسبة للأشخاص الذين يعرفون الكاتب روبرت كيوساكي، فلا شك أنكم على دراية بأنه دائمًا ما يتحدث عن مفهوم الأصول والالتزامات. ولا مانع من إعادة تقديم شرح مبسط لهذين المصطلحين، خصوصًا لمن يسمعهما للمرة الأولى.
- الأصول هي كل ما يدر المال إلى جيبك بشكل مستمر، مثل المشاريع التجارية، المحلات، العقارات المؤجرة، أو أي استثمار يولد دخلاً.
- أما الالتزامات، فهي على العكس تمامًا، تمثل كل ما يعتقد الشخص أنه ضروري ومفيد في حياته، لكنها في الحقيقة تستنزف أمواله، مثل السيارة، القروض البنكية، والمنزل الذي يسكن فيه دون أن يدر عليه أي دخل.
- يؤكد الكاتب أن فهم هذا الفرق البسيط بين الأصول والالتزامات هو الخطوة الأولى نحو إحداث تغيير حقيقي في حياة أي شخص. فكثيرًا ما نُخطئ في التمييز بينهما، ويكون ثمن هذا الخطأ باهظًا على المدى الطويل.
بدلًا من ذلك، يجب أن يكون تركيزك مشابهًا لتفكير الشخص الثري: أن تولي اهتمامك للفرص التي تحيط بك، أي الفرص التي تمثل أصولًا. فالشخص الثري يبحث دائمًا عن الأصول، ويعطيها الأولوية، لأنها تمثل مصدرًا للدخل السلبي، مثل إنشاء المشاريع أو الاستثمار فيها، حتى وإن لم يكن في حاجة ماسة لها، لأنه يدرك أنها الطريق نحو الحرية المالية.
هكذا يتعامل الأثرياء مع المال الذي يملكونه؛ فهم لا يطاردون المال من أجل المال ذاته، ولا يجعلونه غاية في حد ذاته، بل يرونه مجرد وسيلة تُستخدم لكسب مالٍ آخر. هذا هو الهدف الجوهري للمال من وجهة نظرهم: ليس أن يُكدَّس ويُحتفظ به، بل أن يُوظَّف ويعمل لصالحهم ليجلب لهم المزيد من المال.
كيف يميز الأثرياء بين الأصول والالتزامات لتحقيق الثروة؟
ولكي تتضح الصورة أكثر، لنأخذ مثالًا من واقع حياتنا اليومية. ربما تعرف شخصًا في منطقتك يمتلك متجرًا صغيرًا، وبعد فترة من الزمن، يقوم بفتح متجر ثانٍ، ويُوكل شخصًا موثوقًا ومؤهلاً لإدارته. أو ربما يُبقي شخصًا موثوقًا في متجره الأول، لينتقل هو بنفسه لافتتاح مشروع جديد. أو قد تراه يشتري قطعة أرض ويبني عليها شققًا سكنية، ثم يبدأ بتأجيرها.
- هذا بالضبط ما يقصده الكاتب: الأثرياء لا يركّزون على المال ذاته، بل على الأصول التي تولّد المال. ولذلك، ومع مرور الوقت، يزداد الأثرياء ثراء لأنهم يفهمون كيف يجعلون المال يعمل لصالحهم، لا العكس.
- ومن الجانب الآخر، ربما تعرف شخصًا آخر يمتلك متجرًا، لكنك تفاجأت لاحقًا بأنه اشترى سيارة جديدة، وبدأ ينفق عليها أموالًا كثيرة، إلى جانب الوقت الثمين الذي كان يكرّسه سابقًا لإدارة متجره وتحقيق الأرباح منه.
هذا التصرف يعكس عقلية الشخص الفقير، وهي العقلية التي تُبقيه فقيرًا حتى وإن توفرت له نفس الإمكانيات التي يمتلكها شخص ثري. الفارق الوحيد هو في التفكير؛ فالشخص ذو العقلية الفقيرة يركّز على الالتزامات التي تستنزف المال من جيبه، بينما الثري يركّز على الأصول التي تزيد من دخله.
وهنا نصل إلى نقطة مهمة تتعلق بشريحة كبيرة من الناس، وتحديدًا الطبقة الفقيرة والمتوسطة، فهم غالبًا ما يشترون الالتزامات وهم يعتقدون خطأً أنها أصول مفيدة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: المنزل الشخصي الذي يسكن فيه الفرد. ركّز جيدًا هنا لتفهم الفرق: يمكن للمنزل أن يكون أصلًا أو أن يكون التزامًا، وهذا يتوقف على طريقة استخدامه.
- لكي تشتري منزلًا، فأنت بحاجة إلى مبلغ مالي ضخم، وقد تقضي حياتك كلها تعمل من أجل تسديد تكاليفه. وربما تضطر لشرائه عن طريق القروض، فتقضي عمرك بأكمله تسدد الأقساط، دون أن يكون له مردود مالي عليك.
- أما ما يقترحه الكاتب، فهو التركيز أولًا على بناء الأصول، مثل المشاريع أو الاستثمارات التي تنمو بمرور الوقت وتزيد من أرباحها.
- ومع نمو هذه الأصول وتوليدها لدخل سلبي ثابت، سيكون بإمكانك لاحقًا شراء ليس منزلًا واحدًا فحسب، بل عدة منازل، وذلك وفقًا لعدد الأصول التي تملكها وقيمتها الربحية.
كيف تساهم الثقافة المالية في تحقيق الثروة أكثر من العمل الشاق؟
الثقافة المالية هي الحل الحقيقي، وهي أكثر فاعلية من مجرد العمل الشاق. دائمًا ما ينتقد الكاتب روبرت كيوساكي النظام التعليمي التقليدي، لأنه – بحسب رأيه – يخرّج أشخاصًا مهيئين فقط للبحث عن وظيفة، لا للابتكار ولا لصناعة الثروة. معظم خريجي المدارس والجامعات يملكون عقلية واحدة: "ابحث عن وظيفة جيدة وابقَ فيها"، لينضموا إلى بقية الناس الذين يستبدلون وقتهم مقابل المال.
- لكن الإشكالية الكبرى في الوظيفة، كما يوضح كيوساكي، هي أنها تستنزف أغلب وقت الإنسان، والوقت – بطبيعته – مورد محدود لا يمكن مضاعفته. فإذا كان دخلك يعتمد فقط على عدد الساعات التي تعملها، فستبقى أرباحك محدودة مهما اجتهدت.
- خذ مثالًا بسيطًا: شخص يعمل مقابل 30 درهمًا في الساعة، حتى لو عمل طوال اليوم، فلن يتمكن من تجاوز 24 ساعة في اليوم، وبالتالي فإن سقف دخله لا يمكن تجاوزه، وهذا هو المأزق الذي ينتقده الكاتب في المنظومة التعليمية.
- ما يقترحه كيوساكي بدلًا من ذلك هو تعلم مهارات بناء الثروة، تلك المهارات التي لا تُدرّس في المدارس، لكنها تصنع الفارق الحقيقي في الحياة المالية للفرد.
انظر من حولك وتأمل في بعض الأشخاص الذين انسحبوا من الدراسة مبكرًا، وبدؤوا العمل في التجارة أو في مشاريع مع عائلاتهم التي تنتمي لعالم المال والأعمال. هل لاحظت كيف تغيّروا؟ أنا شخصيًا ألاحظ أنهم تطوّروا بشكل واضح، وبدأوا يُركّزون على اغتنام الفرص بدلًا من انتظار الراتب الشهري. هؤلاء تعلموا قواعد لعبة المال من أشخاص يمتلكون خبرة واقعية في هذا المجال، وليس من مناهج جامدة بعيدة عن السوق.
كما يقول روبرت كيوساكي: "الأستاذ نفسه ضحية للوظيفة"، فكيف يمكن لشخص لم يعالج وضعه المالي أن يعلّمك كيف تحسن وضعك؟ كيف تتوقع من مريض أن يشفيك وهو لم يشفِ نفسه بعد؟ لو كان المعلم يمتلك فعليًا معرفة عملية لتحسين حالته المالية، لكان طبقها على نفسه أولًا.
وهذا تمامًا ما اختبره كيوساكي في طفولته؛ فقد كان له والد بيولوجي مثقف يعمل في النظام التعليمي، ولكنه كان يواجه صعوبات مالية، بينما والده الآخر – "الوالد الغني" كما يسميه – لم يكن يحمل شهادات أكاديمية كبيرة، لكنه فهم قواعد المال والثروة، وكان له الفضل الكبير في تغيير مفاهيم كيوساكي حول الحياة، والمال، والاستقلال المالي.
كيف يستخدم الأثرياء الديون الجيدة لبناء ثرواتهم وتحقيق النجاح المالي؟
من أبرز المفاهيم التي يطرحها كيوساكي أيضًا: الديون الجيدة. فهو لا يرى الدين شيئًا سلبيًا على الإطلاق، بل يعتبره من أهم الأدوات التي تساعد الأثرياء على بناء ثرواتهم، بشرط أن يُستخدم الدين بشكل ذكي ومدروس. هدف الشخص الثري من الاستدانة ليس لشراء الكماليات أو الاستهلاك، وإنما لاستثمار المال المقترض في مشروع منتج أو أصل يولد دخلًا.
- فإذا تمت إدارة هذا الاستثمار بنجاح، فإنه سيغطي الدين من أرباحه، ويبقى المشروع ملكًا لصاحبه دون أن يكون قد استهلك من أمواله الخاصة.
- بهذه الطريقة، يستخدم الأثرياء الدين كرافعة مالية لتحقيق المزيد من الأصول، ويتركون الأموال تعمل لصالحهم بدلاً من أن يعملوا من أجل المال فقط.
- وهنا يظهر ذكاء الشخص الطموح، إذ يجب أن يكون سريع البديهة في اختيار الفرصة المناسبة، والمشروع المناسب، ومصدر التمويل الأنسب.
- من الأفضل دائمًا أن يكون القرض ذو فترة سداد طويلة وكافية، وإن كان بدون فوائد فذلك أفضل بكثير، بل هو الخيار المثالي. وهذا ما أنصح به دائمًا: البحث عن التمويل الذكي، لا العشوائي.
- والخبر الجيد أن هناك بالفعل قروضًا تقدمها الدولة في بعض البلدان لأصحاب المشاريع الصغيرة، وغالبًا ما تكون بلا فوائد، وهي تمثل فرصًا ذهبية، قد تكون بمثابة طوق نجاة من الفقر، خاصة لمن يملك فكرة مشروع ناجحة ويبحث فقط عن وسيلة لتمويلها.
كيفية اختيار فكرة المشروع المناسبة | خطوات دراسة السوق وتحقيق التفوق على المنافسين
بخصوص كيفية اختيار فكرة المشروع المناسبة، فالأمر يعتمد عليك أولًا وأخيرًا. يجب أن تبدأ بـدراسة المنطقة المستهدفة، والبحث في السوق المحلي لتعرف:- هل المشروع متوفر أصلًا في تلك المنطقة؟
- وإذا كان متوفرًا، فهل لا يزال عليه طلب؟
- وإن لم يكن متوفرًا، فهل يحتاجه السكان فعلًا؟
- ما الإضافة التي ستقدمها أنت؟
- وما الذي سيجعلك مختلفًا ومميزًا عن غيرك؟
ضع في حسبانك أن هناك أثرياء آخرين يملكون المال ومستعدون للاستثمار في أي فكرة ناجحة يرون فيها فرصة، وهؤلاء لا ينتظرون كثيرًا. لهذا، إذا أردت أن تسبقهم وتنجح، فكّر بذكاء، وميّز نفسك، وكن سبّاقًا دائمًا في طرح القيمة الحقيقية للمشروع.
أهمية الاحتفاظ بالوظيفة مؤقتًا | كيف تبني دخلًا سلبيًا دون المخاطرة بالاستثمار المباشر؟
يؤكد الكاتب – رغم كرهه لفكرة الوظيفة التقليدية – على أهمية الاحتفاظ بالوظيفة مؤقتًا، حتى يتمكن الشخص من بناء مصدر دخل سلبي ناجح. فالمشاريع والاستثمارات، ورغم إمكانياتها الكبيرة في تحقيق الثروة، إلا أنها لا تخلو من عنصر المخاطرة، وقد تنتهي بخسارة كبيرة، وهنا تكمن الميزة الوحيدة التي تتفوق بها الوظيفة: الأمان المالي الذي توفره للموظف.
- لكن لا بد أن تضع في اعتبارك أن النجاح لا يتحقق بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى بداية متواضعة وخطوات صغيرة، والاعتماد على مشاريع بسيطة في البداية لتختبر السوق، وترى كيف يتفاعل مع منتجك أو خدمتك.
- أتذكر أن أحد الأشخاص الغرباء جاء إلى المدينة وهو يحمل معه صندوقًا زجاجيًا صغيرًا متنقلًا، يضع بداخله منتجات تجميل بسيطة. بدأ يبيع للزبائن مباشرة، ووجد إقبالًا جيدًا من الناس.
استمر بهذه الطريقة فترة من الزمن، وحين تأكد أن منتجاته مطلوبة في السوق، افتتح محلًا خاصًا به، وبدأ البيع بشكل احترافي وحقق نجاحًا واضحًا. وهنا يتجلى ذكاء صاحب المشروع، فقد عرف كيف يتعامل مع المخاطرة، ولم يتسرع في ضخ المال وفتح مشروع ضخم قبل أن يتأكد من أن السوق بحاجة فعلية لما يقدمه. وهذه هي القاعدة الذهبية: لا تبدأ كبيرًا… ابدأ ذكيًا.